هل سيتم ضبط الأسعار خلال شهر رمضان؟
تاريخ النشر : 2023-03-18 13:43

كتب: عقل أبو قرع: 

خلال أيام معدودة، يبدأ شهر رمضان الكريم، بكل ما يحمله من تحضيرات وتغييرات في حياة الناس وفي البلد، ومن الأمور المقلقة والتي تتكرر عاما بعد عام هو موضوع الأسعار، وكيفية التعامل مع الارتفاعات المتوقعة والالتزام بالأسعار الاسترشادية التي تنشرها وزارة الاقتصاد، وعملية ضبط الأسواق والتعامل مع الجشع والمخالفات، وكيفية العمل على توفر السلع الأساسية للمستهلك أو للصائم ولأفراد عائلته بالأسعار التي في متناول اليد، على الأقل خلال أيام شهر رمضان.
وفي شهر رمضان خلال السنوات الماضية، اعتدنا سواء في بداية الشهر، أو خلال الأيام الأخيرة منه، أن تكون أسعار السلع الأساسية للناس مرتفعة جدا، بشكل يحرم الكثير من الأسر الفلسطينية من وجبات اعتادوا عليها تحتوي على الدجاج أو اللحوم مثلا، فأسعار الدجاج والتي تبلغ الآن حولي الـ 15 شيكلا للكيلوغرام، ترتفع بشكل غير مبرر لتحوم حول الـ 20 شيكلا للكيلو الواحد، أي أن أسرة فلسطينية متوسطة الحال عادية تحتاج إلى دجاجتين للإفطار مثلا، وهذا يعني حوالي 60 شيكلا من الدجاج للإفطار الواحد.
أما إذا أرادت أن تكون الوجبة من اللحوم الحمراء مثلا فتحتاج إلى حوالي الـ 80 شيكلا لكيلو اللحم الواحد فقط، ويحدث هذا مع العلم أن المعدل اليومي لأجر العامل أو الموظف لا يزيد على الـ 100 شيكل في أحسن الأحوال، ناهيك عن أن هناك الكثير الذين يتقاضون اقل من الحد الأدنى للأجور، أي اقل من الـ 1880 شيكلا شهريا، أي المعدل اليومي للأجرة حسب ذلك هو حوالي الـ 60 شيكلا.
وتتواصل الارتفاعات في الأسعار خلال شهر رمضان لكي تحرق جيب ومعدة وأعصاب المواطن العادي، في ظل عدم وجود أي تدخل فاعل مؤثر أو ملموس من مختلف الجهات، وبالأخص الجهات الرسمية، التي من المفترض أن تحدد الحدود القصوى أو الاسترشادية للأسعار أو تعمل على توفير أو عرض الكميات المطلوبة من السلع، وبالتالي تفتش وتضبط وتحاكم وتتابع، مثل وزارات الاقتصاد والزراعة والصحة وغيرها، أو من الجهات غير الرسمية التي تطالب بحماية المستهلك، أو من الغرف التجارية والتجار وجهات أخرى لا تترجم شعاراتها أو أقوالها إلى أفعال.  
والارتفاع الحاد في الأسعار، سواء خلال شهر رمضان أو في مناسبات أخرى خلال العام، يظهر مدى الجشع والاستغلال الذي يتملك التجار وبالأخص الكبار منهم أو الموردين أو الذين يتحكمون بوصول السلع إلى صغار التجار، ومدى الاستهتار بالالتزام بأسعار استرشادية أو الشعور أو التعاطف مع أحوال الناس، وبالأخص في ظل أحوال اقتصادية واجتماعية وسياسية خانقة ومتردية وفي ظل مواصلة إعلان الحكومة عن تواصل الأزمة المالية وبالتالي مواصلة اقتطاع نسبة من رواتب الموظفين الرسميين، الذين يشكلون العصي لتحريك الاقتصاد.  
ودعنا نأمل خلال شهر رمضان الحالي هذا العام ومن خلال خطة يتم إعدادها مسبقا، وبعكس السنوات الماضية، بألا يكون هناك غياب للسلطات الرقابية الرسمية، التي من المفترض أن تراقب وان تفتش وان تتأكد من أن التجار يلتزمون بالأسعار، على الأقل بالأسعار الاسترشادية التي قامت السلطات الرسمية بالإعلان عنها وتحديد سقفها الأعلى، وبأن نبتعد عن الارتفاع الجنوني وغير المنطقي وغير المفهوم في أسعار الدجاج واللحوم الذي في العادة كان يحدث دون تدخلات أو رقابة.
وخلال وقت شهر رمضان، يتوق المستهلك اكثر وبلهفة إلى وجود الجهات الرقابية الرسمية وغير الرسمية، أو إلى تدخلها أو إلى الشعور بأن هناك جهات تشعر بما يشعر به، وأنها تقوم بتطبيق ما تتحدث عنه، وأنها وكما هي الجهات الرسمية في العالم، من المفترض أن تعمل على توفير احتياجاته وعلى حمايته من الاستغلال، وان تعمل على توفير حياة كريمة له، في ظل هذه الظروف المعقدة والصعبة، بعيدا عن المبررات المكررة من معادلة العرض والطلب والاقتصاد الحر وغير الحر أو اقتصاد السوق الليبرالي.
والجميع يعرف أن رفع الأسعار وبشكل مزاجي، أو استغلالي، وبالأخص في أيام شهر رمضان، هو عمل سيئ ودون أي مبررات، والجميع يعرف انه لا يوجد أي سبب منطقي لرفع للأسعار، وان هذه اللحوم الحمراء أو البيضاء مثلا، من عجول أو خرفان أو دجاج، هي نفسها الكميات التي كانت تباع قبل فترة قصيرة، بأسعار اقل، وان هذه الكميات موجودة في المخازن أو في الثلاجات عند التجار الكبار، ولكن ورغم التسليم بذلك، فلا تجد تاجرا واحدا على استعداد مثلا أن يبيع كيلو لحم السخل بأقل من 80 شيكلا، وهذا يعكس الثقافة المتردية من الجشع ومن الطمع ومن الاستغلال، التي وصل إليها هؤلاء التجار.
ودون شك فإن الجهات الرسمية، وبالتحديد الوزارات ذات العلاقة، أي وزارة الاقتصاد والزراعة، هما المسؤولان الأكبران عن جنون الأسعار وبالتالي تستطيعان ضبط الأسعار من خلال التخطيط المسبق، ولا أعتقد أن هناك بلدا في العالم يضاهينا في مثل هذه الأسعار، وفي التقلبات والارتفاعات في الأسعار، التي لا يوجد عليها رقيب أو حسيب، ومن الواضح وفي ظل حسابات بسيطة للتكلفة، ومع التسليم بالجشع والابتزاز غير المسؤول الذي يمارسه تجار الجملة، إلا أن الأوضاع حين ترتفع الأسعار توحي بالغياب الحقيقي لأي جهات رسمية، وبالتالي الفشل في ضبط الأسعار، ودعنا نأمل ألا يحدث هذا الوضع هذا العام.
ومع الأمل بأن يتم ضبط الأسعار خلال شهر رمضان هذا العام، وبألا يحدث الفشل في ضبط الأسعار كما حدث في الأعوام الماضية مع تأثيراته المؤلمة، فإن هناك حاجة ماسة وفورية لتطبيق قوانين واضحة وعلانية ويراها الناس، مثل إغلاق محل أو ملحمة أو محل بيع الدجاج، أو حتى الإعلان عن أسماء من يتلاعب بالأسعار، أو من يبادر برفعها، وبالأخص إذا كانوا من التجار الكبار أو الجملة، أو حتى وضع إعلان على متجر أو ملحمة أو محل، بأن هذا المحل لا يلتزم أو لا يحترم الأسعار، ودعنا نأمل كذلك بألا يتكرر الغياب  لدور الحكومة وجهاتها الرسمية ذات العلاقة كما حدث خلال الأعوام السابقة، ودور الجهات غير الرسمية التي تنادي بحماية المستهلك، وبأن يمر شهر رمضان خلال هذا العام دون ضغط ارتفاع الأسعار أو ضغط على أعصاب الناس.